منارة اﻹسكندرية


  منارة اﻹسكندرية من عجائب الدنيا السبع و كانت تسمي فاروس "Pharos" موقعها كان علي طرف شبه جزيرة فاروس و هي المكان الحالي لقلعة قايتباي في مدينة اﻷسكندرية في مصر. تعتبر أول منارة في العالم أقامها سوسترات في عهد بطليموس الثاني عام ٢٧٠ ق.م. و ترتفع ١٢٠ مترا و دمرت في زلزال عام ١٣٢٣ ميلادي.
وصف منارة اﻹسكندرية.

  الثابت تاريخيا أن منارة اﻹسكندرية التي كانت من عجائب الدنيا السبع قد أنشات عام ٢٨٠ ق.م. في عصر بطليموس الثاني وقد بناها المعماري اﻹغريقي سوستراتوس و كان طولها البالغ مائة و عشرين مترا يجعلها أعلي بناية في عصرها و يعتقد البعض أن الحجارة المستخدمة في بناء قلعة قايتباي هي من أحجار المنارة المدمرة كما أن موقع القلعة هو نفسه موقع المنارة المنهارة. وقد وصف المسعودي في عام ٩٤٤ م المنارة وصفا أمينا وقدر ارتفاعها بحوالي ٢٣٠ ذراعا. وقد حدث زلزال ١٣٠٣ م في عهد السلطان الناصر محمد بن قلاوون فضرب شرق البحر المتوسط و دمر حصون اﻹسكندرية و أسوارها و منارتها.
  وقد وصف المقريزي في خططه ما أصاب المدينة من دمار و ذكر أن اﻷمير ركن الدين بيبر الجشنكير قد عمر المنارة أي رممها في عام ٧٠٣ ه. وبعد ذلك الزلزال المدمر بنصف قرن زار ابن بطوطة اﻹسكندرية في رحلته الثانية في عام ١٣٥٠ م وكتب " وقصدت المنارة عند عودتي إلي بلاد المغرب فوجدتها قد استولي عليها الخراب بحيث لا يمكن دخولها ولا الصعود إليها؛ وكان الملك الناصر رحمه الله شرع في بناء منارة بإزائها، فعاقه الموت عن إتمامها".
  ويروي المؤرخ المصري ابن إياس انه عندما زار السلطان اﻷشرف قايتباي اﻹسكندرية في عام ١٤٧٧م أمر أن يبني مكان المنارة برج جديد وهو ما عرف فيما بعد ببرج قايتباي ثم طابية قايتباي التي لا تزال قائمة حتي اليوم.
  وكانت المنارة تتالف من أربعة أقسام اﻷول عبارة عن قاعدة مربعة الشكل يفتح فيها العديد من النوافذ و بها حوالي ٣٠٠ غرفة مجهزة لسكني الفنيين القائمين علي تشغيل المنار و أسرهم. أما الطابق الثاني فكان مثمن اﻷضلاع. والثالث دائريا. وأخيرا تاتي قمة المنارة. حيث يستقر الفانوس مصدر اﻹضاءة في المنارة يعلوه تمثال ﻹيزيس ربه المنارة ايزيس فاريا.
  من الطريف أن اسم جزيرة فاروس "Pharos" أصبح علما علي اصطلاح منارة أو فنار في اللغات اﻷوربية و اشتقت من كلمة فارولوجي "Pharology" للدلالة علي علم المنارات.
كيفية عمل منارة اﻹسكندرية.
  لم يعرف أحد يقينا كيف كانت تعمل المنارة وقد ظهرت بعض اﻹجتهادات لم يستقر الخبراء و علماء التاريخ علي أي منها. وثمة وصف لمرآة ضخمة كاسرة لﻵشعة في قمة المنارة كانت تتيح رؤية السفن القادمة قبل أن تتمكن العين المجردة من رصدها.
  وقد كتب الرحالة العربي القديم ابن جبير أن ضوء المنارة كان يري من علي بعد ٧٠ ميﻻ في البحر. وهناك رواية تفيد بأن مرآة المنارة كانت إحدي اﻹنجازات التقنية الفائقة في عصرها وقد سقطت وتحطمت في عام ٧٠٠م ولم تستبدل بغيرها وفقدت المنارة صفتها الوظيفية منذ ذلك الوقت و قبل أن يدمره الزلزال تماما.
  ويقال أن الصعود إلي المنارة و النزول منها كان يتم عن طريق منحدر حلزوني أما الوقود فكان يرفع إلي مكان الفانوس في الطابق اﻷخير بواسطة نظام هيدروليكي. وقد وصف فورستر طريقة أخري لرفع الوقود "الخشب" إلي موقع الفانوس فذكر أن صفا طويلا من الحمير كان في حركة دائبة لايتوقف ليلا أو نهارا ، صعودا و نزولا عبر المنحدر الحلزوني تحمل الوقود الخشبي علي ظهورها!!.
  وفي مفتتح القرن العشرين قدم اﻷثري اﻷلماني هرمان ثيرش نموذجا للمنارة في هيئة أقرب إلي نصب تذكاري يرتفع كبرج فخم مكون من ثلاثين طابقا و يحتوي علي ٣٠٠ غرفة.
أبحاث حول منارة اﻹسكندرية.

  إن فريق الباحثين اﻷثريين العاملين بموقع قلعة قايتباي يسعون للحصول علي كتل حجرية تنتمي ﻷنقاض المنارة القديمة وهم يعرفون أن واجهتها كانت تحمل لوحة تذكارية منحوتة بحروف يونانية ضخمة فإذا وجدوا تلك اللوحة أو جزءا منها تاكد للجميع أن الكتل الحجرية الضخمة الغارقة بالموقع هي أنقاض المنارة.
  إن بعض علماء التاريخ يشكك في أن المنارة القديمة هي مصدر هذه الكتل ويعتقد أنها مجرد صخور كانت تلقي إلي الماء في العصور الوسطي كإجراء دفاعي ﻹغلاق الميناء أمام سفن الصليبيين الغزاة. ومع ذلك فإن جان إيف إمبرور لا يزال متمسكا باعتقاده أن بين هذه اﻷنقاض الغارقة قطعا من جسم المنارة سقطت في المياه عندما تحطم ذلك البرج الضخم بفعل الزلزال. ولكي يؤكد هذه اﻹحتمالات يحاول جان إيف أن يتتبع كل الدلائل و اﻹشارات التاريخية حول حجم و هيئة ذلك المبني الغامض الذي ورد ذكره ووصفه في كتابات عشرات من الكتاب اﻹغريق و الرومان و العرب القدامي الذين سجلوا أوصافا عجيبة له ولكن كتاباتهم لاتشفي غليل إمبرور لعموميتها و عدم دقتها و أحيانا لتناقضها مع بعضها البعض.

تعليقات